كرة القدم التونسية : وضعية صعبة لا تقبل المجاملة
- الإثنين 30 ديسمبر 2024 16:09
شهد العالم ثورة رياضية على جميع الأصعدة حيث أصبحت اللعبة الشعبية الأولى في العالم تنافس عديد المجالات الإقتصادية الأخرى حتى أضحى رجال الأعمال من مختلف دول العالم يستثمرون في هذا القطاع الذي أصبح يدر مالا وفيرا و ربحا لا مفر منه هذا الذي إنعكس بدوره على البنية التحتية و تحولت ملاعب كرة القدم من التصميم التقليدي القديم إلى أشكال هندسية مختلفة فأحيانا نجد ملعب على شكل طائر و أحيانا أخرى على شكل علبة شكلاطة و ملاعب أخرى وكأنها قادمة من المستقبل جعلت المشجعين لا يذهبون لمتابعة مباراة كرة القدم فقط بل لمشاهدة الإبداع و التطور الهندسي الرهيب و الذي لا يقتصر على دول العالم الأول و إنما كذلك الدول العربية و الإفريقية التي تتمتع ببنية تحتية تنافس الدول الأوروبية.
و في ضل ما يعيشه العالم من تقدم على مستوى البنية التحتية الرياضية لا تزال تونس تعيش على وقع الستينات أو السبعينات من القرن الماضية أو أكثر بل أصبحت الملاعب التونسية فرصة للتندر و السخرية من متابعي الشأن الرياضي سواء التونسيين أو الأجانب فبعد رفض تأهيل الإتحاد الإفريقي لكرة القدم لملعب الطيب المهيري بصفاقس و مصطفى بن جنات بالمنستير و أولمبي سوسة لإستضافة مختلف المباريات القارية ليكون لتونس ملعب وحيد مؤهل و هو حمادي العقربي برادس مع التوصية ببعض الإصلاحات الضرورية فلولا ذلك لوجدت الجامعة التونسية و الفرق الرياضية نفسها في مأزق لا تحسد عليه و هو خوض مبارياتها خارج حدود الوطن مما سيكلف خزائن هذه النوادي أموالا طائلة و يكبد جماهيرها عناء التنقل و خسائر مادية تم تفاديها ببعض الترقيعات ليصبح ملعب رادس مرتعا لمختلف التظاهرات القارية للفرق التونسية مما أثر بشكل ملحوظ على عشب الملعب و أصبح لا يتحمل إحتضان مباريات أخرى و لم يعد قادرا على ممارسة اي نشاط رياضي , دون أن ننسى ملعب سوسة الأولمبي و الذي يحتضن مباريات النجم الساحلي حيث إنتظرت جماهير الفريق هذا الملعب بفارغ الصبر و أصبح البعض يتحدث عن ميدان مشابه لمركب محمد الخامس بالمغرب و ليكون درة الساحل تفتخر به تونس في مجال الرياضة , إلا أن النتيجة كانت مغايرة لما هو منتظر لأكثر من عامين حتى تبينت في ما بعد عديد الإخلالات إلى جانب عدم إكمال تركيب مقاعد المدرجات علاوة على النقائص التي شملت منصة الصحفيين كل هذا دون حسيب أو رقيب أو غيور على مكتسبات الوطن .
ملعب المنزه الذي يقف شاهدا على ملاحم كروية تونسية خلدها التاريخ و لا تزال زواياه تردد صدى هتافات الجماهير التي تغنت بنواديها و بتتويجاتها و رقصت على ألحان الإنتصارات , هذا الصرح الرياضي العريق طالته ايادي العابثين بحثا عن لقمة سائغة جديدة فمالئون منها البطون و الحسابات البنكية إلا أن هذه المرة لم تسلم الجرة لهؤلاء بعد إشراف مباشر من رئيس الجمهورية السيد قيس سعيد الذي كشف التلاعب بأموال التونسيين حيث كانت بعض الإخلالات كعدم احترام المثال الهندسي و إحداث حفريات عشوائية مع وجود تشققات بالإسمنت المسلح و تغيير في مواصفات الحديد على خلاف ما هو منصوص عليه بكراس الشروط كذلك عدم مطابقة أشغال التهيئة للمعايير المنصوص عليها و ذلك تحت أنظار قيس سعيد و وزير الشباب و الرياضة كمال دقيش الذي حمل المسؤولية للشركة القائمة بالأشغال و لتفتح في ما بعد رئاسة الجمهورية بحثا في ذلك و تكلف شركة أجنبية لمواصلة الأشغال .
أموال المجموعة الوطنية التي كرستها الدولة في المجال الرياضي مرت مباشرة إلى حسابات اللصوص بالنصوص في العشرية السوداء فبدل إعادة تهيئة فعلية للملاعب في مختلف ولايات الجمهورية شهدنا صورا قيل إنها للأشغال فما راعنا إلا الإعلان عن نهايتها قبل أن تبدأ و أصبحت مرعى للأغنام و ملتقى للمنحرفين و المتسكعين و إلى اليوم تعاني الإهمال بسبب تسيب المسؤولين عن هذا الوضع المزري حيث كانت ملفات الملاعب التونسية على طاولات الحكومات المتعاقبة التي لم تولي هذا المجال أي إعتبار حتى وصل بهم القرار لمحاولة رهن ملعب رادس لمدة 10 سنوات للخروج من الأزمة المالية التي تمر بها البلاد سنة 2016 .
و بالنظر لما وصلت له دول الجوار من تقدم في المجال الرياضي يجعلنا نطرح تساؤلا مهما و هو إلى متى سيتم السكوت على التراجع الكبير للبنية التحتية لملاعب كرة القدم التونسية إضافة إلى ذلك متى ستتم محاسبة المسؤولين اللاوطنيين الذين كانوا سببا في الوصول إلى هذا الوضع المتردي و جعل الملاعب التونسية عرضة للتعليقات الساخرة التي كانت في يوم من الأيام مثالا يحتذى بها و حديث الصحافة العربية و الإفريقية و العالمية .
وسام بالحاج