حَــــــــيْرَه : بقلم الأستاذ وسام بوزيد
عديد هي الهانات و التحفظات و الإنتقادات و مشاعر الغضب و السخط و التململ على ما يجري بتونس الحبيبة زمن هذا الوباء و مع حجر صحي نهارا و حظر تجوال ليلا و ما يرافقهما من ضغط نفسي و عصبي شديد للمواطن التونس بشتى فئاته...
لم يعد نفهم ما يجري و يصير بهذا الوطن مع كثير من اللغط و الغلوّ من هنا و هناك .ماذا يحدث بالضبط في حكومة الاحزاب الثورية التي ترفع شعار الشفافية و مكافحة الفساد ؟ ماذا يحدث في حكومة تدعى محاربة الكورونا و حفظ صحة العباد؟
عديدة هي التساءلات خاصة مع موجة غزوة التعينات الحزبية و تعيين الشلّة و اولاد الجهة و العايلة عبر محاصصة حزبية مقيته ترسّخ الإستمرارية في نهب المال العام بشكل مقنن و الإضرار المتواصل بوضعية المالية العمومية المتدهورة أصلا.
أليس هذا فساد الحكم والمنظومة بإقصاء كفاءات مشهود لها في تسيير الإدارة و التصرف و إحكام إدارة الأزمات لفائدة المعارف و تعيينات الولاءات أو تعيينات التمكّن من مفاصل الدولة و الدواوين من خلال فيالق المستشارين الذين أغلبهم بلا كفاءة فقط لترضية الحزب النافذ أو شلّة الجهة .
أليس هذا هدرا للخزينة التي دعيتم الشعب للتبرع لفائدتها ؟
ألم تتباكوا على وضعية الصحة و نقص الموارد الطبية و أسرّة الإنعاش فهب الشعب للتبرع و تعبئة الموارد المطلوبة لوزارة الصحة فلم نشهد إنجازات ميدانية في دعم و تجهيز المستشفيات الداخلية بأسرة الإنعاش و التجهيزات الضرورية للكادر الطبية و إنشاء وحدات صحيّة خاصة بكورونا على غرار ما أنجز بتمويل خاص من رجال أعمال الجهة بمستشفى سهلول برغم المداخيل المأهولة و التي لا فكرة لنا عن مصير صرفها و التصرف فيها.
ألم تستجدوا الشعب للتبرع لخزينة الدولة الفارغة ؟و صدرت المراسيم لتجيز بحجة القانون الإقتطاع من أجرة الموظف المثقلة بشتى أنواع المصاريف و الديون .
ثم ماذا !! تم تعيين مكلفين بمأمورية و مستشارين بكل الدواوين الوزارية و بالرئاسات الثلاث بإمتيازات متفاوتة في حركة إستفزازية للشعب زمن الوباء، لشعب فيهم من أصيب بفيروس الكرونا و هو في صفوف متراصة لأجل الحصول على منحة الإعانة او طوابير السميد و الفارينة.
 
لتتواصل شطحات و سقطات حكامنا بظهور تقرير الرقابة الإدارية الذي يؤكد على الإخلالات في الإجراءات و تجاوز القانون في الصفقة الشهيرة للكمامات بين النائب و الوزير و ما رافقها من إستغفال للشعب. غير أنه يقع تبررها من واعظ مكافحة الفساد بانها إخلال بسيط في الإجراءات هكذا بكل جراة.
لتتعمق الهانات و الإستفزازات بظهور فضيحة الإتفاقية القطرية و التركية و ما تحمله من بيع تفصلي و غير مشروط للسيادة التونسية عبر مؤسسة البرلمان في ضلّ صمت رهيب للإعلام التونسي و الأحزاب و مؤسستي رئاسة الجمهورية و الحكومة. و كأن التاريخ يعيد نفسه بمعاهد باردو بتغيّرها من فرنسا 1881 إلى المحور التركي القطري في 2020.
يا من تحكمون ألم تقسموا على الولاء للوطن و سيادته و وحدة ترابه و سلامة شعبه؟؟؟ أم هذا قسم إستهلاكي؟
ماهذا ما الذي يجري و يحدث بتونس؟ صحيح أننا رضينا بالصندوق و بالتداول السلمي على السلطة و المسؤولية و لكن لا أن يصل الأمر لكل هذا الإستفزاز و التفرّد و التسلّط و التجبّر على الشعب و سيادة الوطن و وحدته.
ان تصمت الحكومة على فساد الصفقات و تشّرعه بإخلالات بسيطة في الإجراءات فذلك شأنها و لكن شأننا أن لا يستغفلونا و يتبجحوا علينا و يعيظوننا بمكافحة الفساد و الدولة العادلة و سيادة القانون فيها.
لم نعد نفهم ما يجرى و يحدث في هذا البلد و أي قانون و نظام يحكمه و أي قيم و مبادئ توجهه.فالصمت و السكون و العمى أصاب الكل فلا إعلام يتحدث و لا نيابة عمومية تتعهد و تحيل و لا سياسيين يعارضون و يستنكرون ولا شعب يغضب و يتحرك و يهدد بالشارع ولا نقابيون يرفضون و يضربون .
ماذا يحدث ؟ و ما أصاب الإحداثيات ؟ هل كل هذا معقول ؟ لم أعد أفهم وضع وطني و شعبي و من يحكمني !!!! كل شيء مبرّر و يبرّر بحسب المصلحة .
فيتم تكييف الفساد حتى نخاله فساد شرعي و صالح و مشروع بحجة القانون ،و كأن القوانين لم توضع لحماية الصالح العام و المالية العمومية .
إخلالات تجرّ لأخرى فأصبح الباطل حق ، نحن رضينا بالديمقراطية و ما أفرز الصندوق و لكن ليس لحدود الإستغباء و التحمير فنحن لسنا قطيع لنهرول للمعالف و نستعلف ما توزعون و تفتون و تقرّون و نبقى نتفرّج و أنتم تبيعون الوطن و تفقّرون الشعب و تسلبونه قوته و كرامته و تنهشون لحمه ثم توزّعون المغانم بحجّة القانون و بأشكال مختلفة كالتعويضات.
فكلّ يوم يا من تحكمون تعتدون على حقنا في العيش الكريم و تسلبوننا حرية التعبير بإسكاتنا ترهيبا أو ترغيبا و تكميم أفواهنا ،ثم تنهبون من جيوبنا و من أجرتنا تحت مسمّيات مختلفة و بإسم القانون لتنفخون بطون من جعلوكم تحكمون من أسياد الأحزاب و أصحاب المال .
الأمر أصبح على شاكلة مقاسمة غنيمة و الكل يأخذ نصيبه من الكعكة فمن بشّرو تضليلا بالشفافية و الحكم الرشيد و الدولة العادلة و بالإستعراض و الظهور في شعار الواعظين و مدّعي الطهورية هاهم ينكشفون بأنهم يبيعون الوهم و الخداع لمن إنتخبهم و لمن إستأمل فيهم خيرا ، لتسقط مشاريعهم الفارغة و شعاراتهم المضلّلة و ليصبح الوطن أكثر تجزءا و تفرقة و هشاشة و إستباحة و بحجة القانون و الديمقراطية و نتائج الصندوق.
و على نفس منهجيّة التعرية يفقد الإعلام دوره في إنارة الراي و معالجة المشاكل و مناقشة هذه الضواهر التي غزت كل جوانب حياتنا و أثرت علينا بكل السلبيات ليصبح إعلام موالي بتشتيت الإنتباه على الملفات الكبرى و تنوالها بكل سطحية و سفسطة .
في إطار من الخداع و التضليل و توجيه الراي عن كل هذه الملفات الحارقة .
بل أصبح إعلاما مجرما في حق ثقافتنا و أسرنا و الأجيال بكم الميوعة و السفسطة والتدني الذي يسوقه و يهمل القضايا الأساسية للحفاظ على وحدة الوطن و الشعب و سلامتهما.
 
ما الذي يحدث؟ ليتحول الأمر و كأن الجميع يصطف وراء الحزب النافذ و ليسبح بإسم واحد يفصّل الأمر و يقسم الكعكة كما يشاء و كأنها ذبيحة يوزعها على مواليه،ليبقى أصحاب القرار يجزون العطاء على المساندين لمزيد الإستمرار في الإستحواذ و النهب من المال العام.
الــــوطن موجوع زمن كورونا و القلب مهموم على مصير تونس خاصة مع تفاقم الحيرة و منسوب الخوف و الريبة من ما يحاك في الغرف المظلمة للوطن .
مـــاذا يحدث ؟ مـــاذا يجري؟ و هل سيتغيّر الحال؟ أم يستمر الوضع على ما هو عليه ؟
ما أعلمه أن تونس ترابها سخون ....و ربي يحمي تونس الحبيبة من كل معتدي وغادر و خائن.
 
وسام بوزيد
 

 إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي Ambiance FM وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً.

 

الإذاعة الجهوية الأولى بالمهدية Ambiance FM

إذاعة جمعياتية متخصصة منضوية تحت لواء جمعية قصور الساف للشباب والثقافة و الإعلام، مدعمة من وزارة الشؤون الثقافية في إطار البرنامج الوطني"تونس...مدن الفنون"

المدير العام المؤسس : محمد أمين عبد الواحد

العنوان: دار الثقافة قصور الساف، شارع الحبيب ثامر 5180 قصور الساف

الهاتف : 52911306
الفاكس :73665292