حَــــــــيْرَه : بقلم الأستاذ وسام بوزيد
- الخميس 30 أفريل 2020 17:28
عديد هي الهانات و التحفظات و الإنتقادات و مشاعر الغضب و السخط و التململ على ما يجري بتونس الحبيبة زمن هذا الوباء و مع حجر صحي نهارا و حظر تجوال ليلا و ما يرافقهما من ضغط نفسي و عصبي شديد للمواطن التونس بشتى فئاته...
لم يعد نفهم ما يجري و يصير بهذا الوطن مع كثير من اللغط و الغلوّ من هنا و هناك .ماذا يحدث بالضبط في حكومة الاحزاب الثورية التي ترفع شعار الشفافية و مكافحة الفساد ؟ ماذا يحدث في حكومة تدعى محاربة الكورونا و حفظ صحة العباد؟
عديدة هي التساءلات خاصة مع موجة غزوة التعينات الحزبية و تعيين الشلّة و اولاد الجهة و العايلة عبر محاصصة حزبية مقيته ترسّخ الإستمرارية في نهب المال العام بشكل مقنن و الإضرار المتواصل بوضعية المالية العمومية المتدهورة أصلا.
أليس هذا فساد الحكم والمنظومة بإقصاء كفاءات مشهود لها في تسيير الإدارة و التصرف و إحكام إدارة الأزمات لفائدة المعارف و تعيينات الولاءات أو تعيينات التمكّن من مفاصل الدولة و الدواوين من خلال فيالق المستشارين الذين أغلبهم بلا كفاءة فقط لترضية الحزب النافذ أو شلّة الجهة .
أليس هذا هدرا للخزينة التي دعيتم الشعب للتبرع لفائدتها ؟
ألم تتباكوا على وضعية الصحة و نقص الموارد الطبية و أسرّة الإنعاش فهب الشعب للتبرع و تعبئة الموارد المطلوبة لوزارة الصحة فلم نشهد إنجازات ميدانية في دعم و تجهيز المستشفيات الداخلية بأسرة الإنعاش و التجهيزات الضرورية للكادر الطبية و إنشاء وحدات صحيّة خاصة بكورونا على غرار ما أنجز بتمويل خاص من رجال أعمال الجهة بمستشفى سهلول برغم المداخيل المأهولة و التي لا فكرة لنا عن مصير صرفها و التصرف فيها.
ألم تستجدوا الشعب للتبرع لخزينة الدولة الفارغة ؟و صدرت المراسيم لتجيز بحجة القانون الإقتطاع من أجرة الموظف المثقلة بشتى أنواع المصاريف و الديون .
ثم ماذا !! تم تعيين مكلفين بمأمورية و مستشارين بكل الدواوين الوزارية و بالرئاسات الثلاث بإمتيازات متفاوتة في حركة إستفزازية للشعب زمن الوباء، لشعب فيهم من أصيب بفيروس الكرونا و هو في صفوف متراصة لأجل الحصول على منحة الإعانة او طوابير السميد و الفارينة.
لتتواصل شطحات و سقطات حكامنا بظهور تقرير الرقابة الإدارية الذي يؤكد على الإخلالات في الإجراءات و تجاوز القانون في الصفقة الشهيرة للكمامات بين النائب و الوزير و ما رافقها من إستغفال للشعب. غير أنه يقع تبررها من واعظ مكافحة الفساد بانها إخلال بسيط في الإجراءات هكذا بكل جراة.
لتتعمق الهانات و الإستفزازات بظهور فضيحة الإتفاقية القطرية و التركية و ما تحمله من بيع تفصلي و غير مشروط للسيادة التونسية عبر مؤسسة البرلمان في ضلّ صمت رهيب للإعلام التونسي و الأحزاب و مؤسستي رئاسة الجمهورية و الحكومة. و كأن التاريخ يعيد نفسه بمعاهد باردو بتغيّرها من فرنسا 1881 إلى المحور التركي القطري في 2020.
يا من تحكمون ألم تقسموا على الولاء للوطن و سيادته و وحدة ترابه و سلامة شعبه؟؟؟ أم هذا قسم إستهلاكي؟
ماهذا ما الذي يجري و يحدث بتونس؟ صحيح أننا رضينا بالصندوق و بالتداول السلمي على السلطة و المسؤولية و لكن لا أن يصل الأمر لكل هذا الإستفزاز و التفرّد و التسلّط و التجبّر على الشعب و سيادة الوطن و وحدته.
ان تصمت الحكومة على فساد الصفقات و تشّرعه بإخلالات بسيطة في الإجراءات فذلك شأنها و لكن شأننا أن لا يستغفلونا و يتبجحوا علينا و يعيظوننا بمكافحة الفساد و الدولة العادلة و سيادة القانون فيها.
لم نعد نفهم ما يجرى و يحدث في هذا البلد و أي قانون و نظام يحكمه و أي قيم و مبادئ توجهه.فالصمت و السكون و العمى أصاب الكل فلا إعلام يتحدث و لا نيابة عمومية تتعهد و تحيل و لا سياسيين يعارضون و يستنكرون ولا شعب يغضب و يتحرك و يهدد بالشارع ولا نقابيون يرفضون و يضربون .
ماذا يحدث ؟ و ما أصاب الإحداثيات ؟ هل كل هذا معقول ؟ لم أعد أفهم وضع وطني و شعبي و من يحكمني !!!! كل شيء مبرّر و يبرّر بحسب المصلحة .
فيتم تكييف الفساد حتى نخاله فساد شرعي و صالح و مشروع بحجة القانون ،و كأن القوانين لم توضع لحماية الصالح العام و المالية العمومية .
إخلالات تجرّ لأخرى فأصبح الباطل حق ، نحن رضينا بالديمقراطية و ما أفرز الصندوق و لكن ليس لحدود الإستغباء و التحمير فنحن لسنا قطيع لنهرول للمعالف و نستعلف ما توزعون و تفتون و تقرّون و نبقى نتفرّج و أنتم تبيعون الوطن و تفقّرون الشعب و تسلبونه قوته و كرامته و تنهشون لحمه ثم توزّعون المغانم بحجّة القانون و بأشكال مختلفة كالتعويضات.
فكلّ يوم يا من تحكمون تعتدون على حقنا في العيش الكريم و تسلبوننا حرية التعبير بإسكاتنا ترهيبا أو ترغيبا و تكميم أفواهنا ،ثم تنهبون من جيوبنا و من أجرتنا تحت مسمّيات مختلفة و بإسم القانون لتنفخون بطون من جعلوكم تحكمون من أسياد الأحزاب و أصحاب المال .
الأمر أصبح على شاكلة مقاسمة غنيمة و الكل يأخذ نصيبه من الكعكة فمن بشّرو تضليلا بالشفافية و الحكم الرشيد و الدولة العادلة و بالإستعراض و الظهور في شعار الواعظين و مدّعي الطهورية هاهم ينكشفون بأنهم يبيعون الوهم و الخداع لمن إنتخبهم و لمن إستأمل فيهم خيرا ، لتسقط مشاريعهم الفارغة و شعاراتهم المضلّلة و ليصبح الوطن أكثر تجزءا و تفرقة و هشاشة و إستباحة و بحجة القانون و الديمقراطية و نتائج الصندوق.
و على نفس منهجيّة التعرية يفقد الإعلام دوره في إنارة الراي و معالجة المشاكل و مناقشة هذه الضواهر التي غزت كل جوانب حياتنا و أثرت علينا بكل السلبيات ليصبح إعلام موالي بتشتيت الإنتباه على الملفات الكبرى و تنوالها بكل سطحية و سفسطة .
في إطار من الخداع و التضليل و توجيه الراي عن كل هذه الملفات الحارقة .
بل أصبح إعلاما مجرما في حق ثقافتنا و أسرنا و الأجيال بكم الميوعة و السفسطة والتدني الذي يسوقه و يهمل القضايا الأساسية للحفاظ على وحدة الوطن و الشعب و سلامتهما.
ما الذي يحدث؟ ليتحول الأمر و كأن الجميع يصطف وراء الحزب النافذ و ليسبح بإسم واحد يفصّل الأمر و يقسم الكعكة كما يشاء و كأنها ذبيحة يوزعها على مواليه،ليبقى أصحاب القرار يجزون العطاء على المساندين لمزيد الإستمرار في الإستحواذ و النهب من المال العام.
الــــوطن موجوع زمن كورونا و القلب مهموم على مصير تونس خاصة مع تفاقم الحيرة و منسوب الخوف و الريبة من ما يحاك في الغرف المظلمة للوطن .
مـــاذا يحدث ؟ مـــاذا يجري؟ و هل سيتغيّر الحال؟ أم يستمر الوضع على ما هو عليه ؟
ما أعلمه أن تونس ترابها سخون ....و ربي يحمي تونس الحبيبة من كل معتدي وغادر و خائن.
وسام بوزيد
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي Ambiance FM وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً.