الخطاب السياسي زمن كورونا : بقلم الأستاذ وسام بوزيد
- الجمعة 03 أفريل 2020 12:41
في الأزمات يميل الخطاب السياسي لرفع درجة الوعي و التضامن و بث الطمأنينة و الثقة و الروح المعنوية للشعب و دعم الوحدة الوطنية و التعالي على الأنانية و الفئوية و الجنوح للتهدئة و تصفية كل المناخات من التوترات مما يساعد الجميع على تركيز المجهود في مواجه الأزمة للخروج بأخف الخسائر و الإنعكاسات السلبية الممكنة على الصعيد الإجتماعي و الإقتصادي و الأمني .
غير أنه و بعيدا عن مثالية المدينة الفاضلة و في زمن هذا الوباء الغادر و القاتل، لا نجد من خطاب سياسيينا إلاّ وجع الراس و مزيد تعميق و عملقة أزمة الوباء بخطاب شَعبوي و ندوات صحفية شَعبوية و مجالس شَعْبِيَّهْ فيها الخطاب هو أبعد ما يكون عن "الخَزْمَة".
لقد غَلَبَ و غُلِّبَ على خطاب المسؤولين الشعبوية و التشنج و الإصطفاف و الركل من تحت الحزام فبقي رهين تنازع الصلوحيات والحسابات الحزبية و السياسية و الفئوية بعيدا عن تفاعلات الشعب و الأمن القومي في مكافحة شبح الموت جراء كورونا.
خطاب لسياسيين مبتدئين لا مهارة و لا تجربة و لا خبرة بإدارة الأزمات و قرراتهم شعبوية و فضفاضه و خالية و مبهمة ، بعيدة عن التطبيق ،تضرب مفاصل الدولة و وحدتها و إستقرارها وتنهكها و تربكها و تدفع بالمواطن المقهور إلى المحرقة زمن هذا الوباء العالمي.
يا أيها الفاعلون في الشأن العام تونس و شعبها في حاجة زمن هذا الوباء القاتل لخطاب قائد يقود سفينة الوطن التي تتقاذفها مصالح و مغانم الأحزاب و الفئات ،يعتمد في خطابه الحنكة و الدراية و الإلمام بكل الملفات و جزئياتها و بأرقام تفصليّة صحيّة و إقتصادية و إجتماعية و أمنية .
المواطن يحتاج لخطاب كفالة ورعايــــــة و حمايــــة ، لخطاب متجاوب مع المخاوف و طارح لخطوات عملية و رؤية ثاقبة بدون ظلم و لا تفرقة و لا فئوية، مع تغليب لرعاية و حماية الفئات المعوزة و أصحاب الدخل الضعيف و أصحاب العمل اليومي و سكان الأرياف و المناطق الجبلية و فاقدي السند و غيرهم من المحاتجين و ما أكثر حتى من قبل الكورونا و لكن تعكّر وضعهم و ساءت أحوالهم مع الوباء .
المواطن يحتاج لخطاب يُثْبِطُ كل إنعكاسات سلبية على الأمة و ما أكثرها فالأزمة بدءت صحية و لكنها حادت و تطورت لازمة إجتماعية خانقة و يمكن أن تتعدها إلى مالية و أمنية .
أي نعم أمنية ، فبفعل أزمة كورونا و فقدان خطاب طمأنة و رعاية و حماية و ضعف قدرة الدولة على كـــفالة و توفير الحاجيات الأساسية للفئات المحتاجه و أصحاب الدخل الضعيف و الفاقدين لمورد رزق قار. و التصرّف الأرعن لبعض العمد و المعتمدين و ممثلي الدولة في الإحاطة و الرعاية و الحماية بهته الفئات .
و مع إتساع دائرة الحاجة المالية و الخصاصة و الشعور بالجوع و العجز عن توفير الحاجيات الغذائية و الحياتية و توفير متطلبات الأسرة و الأبناء لفئات واسعة (العملة اليوميّين: عمّال البناء والحظائر والورشات والحراسة وخدمة المنازل والتنظيف.
المنتصبين لحسابهم الخاصّ: من مطاعم و مقاهي وأصحاب سيّارات النقل و الأجرة والحرفيّين مثل النجّارين والحدّادين والميكانيكيّين والحلاّقين...) نتيجة إستمرارالحجر الصحي و شلل الشبكة الإقتصادية و ضعف خطوط التموين و نقص السلع الغذائية الأساسية (فرينة و سميد) بالسوق نتيجة الإحتكار و المضاربة ، كذلك الغلاء الفاحش للأسعار و صعودها الصاروخي خاصة للخضر.
كل هته العوامل هي عناصر أساسية لتصاعد وتيرة الإحتجاج و الغضب من اكثر من فئة و إنفجار شعبي و أمني متفاوة الخطورة يبدء باعمال شغب و عنف و نهب و سرقة وربما بأشياء أخرى أكثر فوضوية و ستضع الأمن في مواجهة مباشرة مع فئات من الشعب غاضبة و جائعة .
و سيكون من البلاهة و السذاجة و الغباء عدم توقع ذلك خاصة إذا ما إنتشر الفايروس كورونا ( لا قدرّة اللّه) و أحست هته الفئات تقصير الدولة و الحكومة و المسؤولين في حمايتهم و رعايتهم امام عجز المنظومة الصحية عن ذلك .
لذلك و في زمن كورونا كان لا بدء على الخطاب السياسي للمسؤولين و السياسيين أن يحيّن وأن يواكب حجم الأزمة و يترك جانبا و لو إلى حين الصراعات و اللغة الخشبية و ممارسة التسلّط على شعب أعزل و الإصطفاف الفئوي و الحزبي و الإديلوجي.
الخطاب السياسي يجب أن يكون قويّ حازما من الشعب و إلى الشعب و بعيدا عن الشعبوية .
الآن لا بد أن تختفي أصوات النشاز و الفتنة و الجهوية و يحظر خطاب الوحدة و الطمأة و الثقة و الرعاية و الحماية بعيدا عن الخطابات الإستهلاكية و الفلكلورية لأنه لا مكانها و لا زمانها .
نحن شعب "عَيَّاشْ " نبحث عن خطاب سياسي به قرارات تطبق و تعمم لا تخمينات خاضعة لمزايدات و حساب الربح و الخسارة الحزبي .
الخطاب السياسي زمن كورونا يجب أن يتميز بالوعي بأهمية المواطن بوطنه وبأن الدولة كَفِيلَةُ به ،حامية و راعية له و لكرامته و عيشه .
أوليس لهذا قامت الثورة ،في أعتبر ثورة الخبز و الكرامة .
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي Ambiance FM وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً.