الخطاب السياسي زمن كورونا : بقلم الأستاذ وسام بوزيد

في الأزمات يميل الخطاب السياسي لرفع درجة الوعي و التضامن و بث الطمأنينة و الثقة و الروح المعنوية للشعب و دعم الوحدة الوطنية و التعالي على الأنانية و الفئوية و الجنوح للتهدئة و تصفية كل المناخات من التوترات مما يساعد الجميع على تركيز المجهود في مواجه الأزمة للخروج بأخف الخسائر و الإنعكاسات السلبية الممكنة على الصعيد الإجتماعي و الإقتصادي و الأمني .

غير أنه و بعيدا عن مثالية المدينة الفاضلة و في زمن هذا الوباء الغادر و القاتل، لا نجد من خطاب سياسيينا إلاّ وجع الراس و مزيد تعميق و عملقة أزمة الوباء بخطاب شَعبوي و ندوات صحفية شَعبوية و مجالس شَعْبِيَّهْ فيها الخطاب هو أبعد ما يكون عن "الخَزْمَة".

لقد غَلَبَ و غُلِّبَ على خطاب المسؤولين الشعبوية و التشنج و الإصطفاف و الركل من تحت الحزام فبقي رهين تنازع الصلوحيات والحسابات الحزبية و السياسية و الفئوية بعيدا عن تفاعلات الشعب و الأمن القومي في مكافحة شبح الموت جراء كورونا.

خطاب  لسياسيين مبتدئين لا مهارة و لا تجربة و لا خبرة بإدارة الأزمات و قرراتهم شعبوية  و فضفاضه و خالية و مبهمة ، بعيدة عن التطبيق ،تضرب مفاصل الدولة و وحدتها و إستقرارها وتنهكها و تربكها و تدفع بالمواطن المقهور إلى المحرقة زمن هذا الوباء العالمي.

يا أيها الفاعلون في الشأن العام تونس و شعبها في  حاجة زمن هذا الوباء القاتل لخطاب قائد يقود سفينة الوطن التي تتقاذفها مصالح و مغانم الأحزاب و الفئات ،يعتمد في خطابه الحنكة و الدراية و الإلمام بكل الملفات و جزئياتها و بأرقام تفصليّة صحيّة و إقتصادية و إجتماعية و أمنية .

المواطن يحتاج لخطاب كفالة ورعايــــــة و حمايــــة ، لخطاب متجاوب مع المخاوف و طارح لخطوات عملية و رؤية ثاقبة  بدون ظلم و لا تفرقة و لا فئوية، مع تغليب لرعاية و حماية الفئات المعوزة و أصحاب الدخل الضعيف و أصحاب العمل اليومي و سكان الأرياف و المناطق الجبلية و فاقدي السند و غيرهم من المحاتجين و ما أكثر حتى من قبل الكورونا و لكن تعكّر وضعهم و ساءت أحوالهم مع الوباء .

المواطن يحتاج لخطاب يُثْبِطُ كل إنعكاسات سلبية على الأمة و ما أكثرها فالأزمة بدءت صحية و لكنها حادت و تطورت لازمة إجتماعية خانقة و يمكن أن تتعدها إلى مالية و أمنية .

أي نعم أمنية ، فبفعل أزمة كورونا و فقدان خطاب طمأنة و رعاية و حماية و ضعف قدرة الدولة على كـــفالة و توفير الحاجيات الأساسية للفئات المحتاجه و أصحاب الدخل الضعيف و الفاقدين لمورد رزق قار. و التصرّف الأرعن لبعض العمد و المعتمدين و ممثلي الدولة في الإحاطة و الرعاية و الحماية بهته الفئات .

و مع إتساع دائرة الحاجة المالية و الخصاصة  و الشعور بالجوع و العجز عن توفير الحاجيات الغذائية و الحياتية و توفير متطلبات الأسرة و الأبناء لفئات واسعة (العملة اليوميّين: عمّال البناء والحظائر والورشات والحراسة وخدمة المنازل والتنظيف.

المنتصبين لحسابهم الخاصّ: من مطاعم و مقاهي وأصحاب سيّارات النقل و الأجرة والحرفيّين مثل النجّارين والحدّادين والميكانيكيّين والحلاّقين...) نتيجة إستمرارالحجر الصحي و شلل الشبكة الإقتصادية و ضعف خطوط التموين و نقص السلع الغذائية الأساسية (فرينة و سميد) بالسوق نتيجة الإحتكار و المضاربة ، كذلك الغلاء الفاحش للأسعار و صعودها الصاروخي خاصة للخضر.

كل هته العوامل هي عناصر أساسية لتصاعد وتيرة الإحتجاج و الغضب من اكثر من فئة  و إنفجار شعبي و أمني متفاوة الخطورة يبدء باعمال شغب و عنف و نهب و سرقة وربما بأشياء أخرى أكثر فوضوية و ستضع الأمن في مواجهة مباشرة مع  فئات من الشعب غاضبة و جائعة .

و سيكون من البلاهة و السذاجة و الغباء عدم توقع ذلك خاصة إذا ما إنتشر الفايروس كورونا ( لا قدرّة اللّه) و أحست هته الفئات تقصير الدولة و الحكومة و المسؤولين في حمايتهم  و رعايتهم امام عجز المنظومة الصحية عن ذلك .

لذلك و في زمن كورونا كان لا بدء على الخطاب السياسي للمسؤولين و السياسيين أن يحيّن وأن  يواكب حجم الأزمة و يترك جانبا و لو إلى حين الصراعات و اللغة الخشبية و ممارسة التسلّط على شعب أعزل و الإصطفاف الفئوي و الحزبي و الإديلوجي.

الخطاب السياسي يجب أن يكون قويّ حازما من الشعب و إلى الشعب و بعيدا عن الشعبوية .
الآن لا بد أن تختفي أصوات النشاز و الفتنة و الجهوية و يحظر خطاب الوحدة و الطمأة و الثقة و الرعاية و الحماية بعيدا عن الخطابات الإستهلاكية و الفلكلورية  لأنه لا مكانها و لا زمانها .

نحن شعب "عَيَّاشْ " نبحث عن خطاب سياسي به قرارات تطبق و تعمم لا تخمينات خاضعة لمزايدات و حساب الربح و الخسارة الحزبي .

الخطاب السياسي زمن كورونا يجب أن يتميز بالوعي بأهمية المواطن بوطنه وبأن الدولة كَفِيلَةُ به ،حامية و راعية له و لكرامته و عيشه .

أوليس لهذا قامت الثورة ،في أعتبر ثورة الخبز و الكرامة .

 إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي Ambiance FM وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً.

الإذاعة الجهوية الأولى بالمهدية Ambiance FM

إذاعة جمعياتية متخصصة منضوية تحت لواء جمعية قصور الساف للشباب والثقافة و الإعلام، مدعمة من وزارة الشؤون الثقافية في إطار البرنامج الوطني"تونس...مدن الفنون"

المدير العام المؤسس : محمد أمين عبد الواحد

العنوان: دار الثقافة قصور الساف، شارع الحبيب ثامر 5180 قصور الساف

الهاتف : 52911306
الفاكس :73665292