تطرح المجتمعات المتقدمة قضاياها الاستراتيجية في لحظات فارقة في تاريخها، وتعتمد في معالجتها المنهجية مقاربات تشاركية بهدف بناء قناعات مشتركة. هذا التمشي التشاركي يكون الضامن لانخراط الجميع والتفاعل الإيجابي لإيجاد البدائل الممكنة، وهي في جوهرها حلول مخصوصة بسياقات معينة وبمتطلبات القضايا وطبيعتها من جهة، ومراعية الجانب الإنساني الشامل والكوني من جهة ثانية. وفي هذه الحالة تتظافر الجهود المحلية والدولية في شراكة تكون مشروطة بجملة المبادئ الواردة بميثاق الأمم المتحدة. تفترض التٌطوٌرات النٌوعية التي تعيشها مختلف المجتمعات المدنية في هذا القرن، تحوٌلات انتقال من المجتمعات القائمة على المثال الصناعي إلى المجتمعات القائمة على المثال المعرفي. وتتطلٌب هذه المجتمعات لمواجهة تحدٌيٌات العصر، صنع الذكاء وبناء الأمثلة العلمية والبرمجيات المتحكمة في المصانع والضامنة لتقديم الحلول المطلوبة.

ذلك أن الحياة في هذا النمط المجتمعي يفترض وجوبا على الجميع الانتقال من البسيط إلى المعقد، من الواضح إلى المركب، من المتعالي والواحد إلى الوضعي والمتعدٌد، من المركزي إلى اللٌامركزي، من المدى القريب إلى المدى البعيد، من الاعتماد على الغير وعلى الدولة إلى الاعتماد على الذات ومن الاختيار من متعدٌد إلى اختيار بدائل ممكنة.