الشعب التونسي و الكورونا ....بقلم الأستاذ وسام بوزيد
- الأربعاء 01 أفريل 2020 12:36
فعلتها كورونا و أسقطت عنا ورقة التوت ، نحن شعب أناني متلهف ، مستهتر و متهور كل فرد لا يهتم إلاّ لنفسه و تفتقت في هذه الأزمة الصحيّة الوبائية حب الذات و إعلاء الأنا على الجماعة ....فرض الحجر فرضا و بمراحل حتى يهضم تقبل الأمر و رغم ذلك ماطل الشعب في الإمتثال بداعي التزود بالحاجات الغذائية خاصة مع إستكراش محتكري المواد الغذائية الأساسية و فقدانها من السوق مع تعطل مسارات التوزيع لفقدان التخطيط و الحنكة بإدارة الأزمات من الحكومة و كل المسؤولين المختارين و زاد تلهف التونسي على توفير هته المواد في تعكر الأمر فأصبحت صفوف الفارينا و السميد مشكلة أمن و جيش و مسؤولين محليين....و لايستبعد أن تكون مصدر كارثة صحية لفرضية التحاكك و التلامس و التدافع بين مصطفين باحثين على مكون أساسي للخبز العمود الفقري للنمط الغذائي لدى التونسي .
هنا في ضل الرغبة بتوفير الغذاء يفقد التونسي الوعي بخطورة فيروس كورونا الذي عطّل العالم و عطّل كل المحرّكات الإقتصادية العالمية في ضلّ شلل تام و إنغلاق دول العالم على نفسها و إلتزامها بمحيطها الجغرافي .
يطلّ علينا التونسي بإستهتار متناهي و بتكبيرات ليلية مندّدة بكورونا و بالحجر الصحي و هذا الظاهر أما الباطن فأعمق و هو يدخل في خانة الحسابات السياسية التجربيّة لفئة معنية و أيضا في قلّة وعي متناهية لفئة تقاد بالمال الفاسد أو بالإصطفاف الإيديولوجي ....فهذه التجمعات الليلية هي بيئة خصبة لتفريخ الفيروس مع وجود ناقل إيجابي لتكاثره .
وعي التونسي بآفة و جائحة فيروس كورونا إقتصر على الشكليات كالقفازات و الأقنعة الواقية و أهمل الأساسيات المنصوح بها و هي تفادي التجمعات و الإكتضاض و الإلتزام بالحجر الصحي الذاتي و الذي إنتهكه يمينا و شمالا و بمبرّرات متعدّدة .
درجة الوعي التونسي بالفيروس لم تكن متماثلة مع العمليات التحسيسية و التوعوية لأن أزمة الفيروس خنقت كل شيء و بدون سابق إنذار لأن الشعب التونسي يعيش أزمة إقتصادية و إجتماعية و تدهور المقدرة الشرائية من قبل وصول فيروس كورونا...
لذالك تداخل الوعي الصحي بخطر الفيروس مع الحاجة الملحة لتوفير الضروريات الغذائية و المعيشية فتغلبت الرغبة في توفير المستلزمات المعيشية على الوعي الكامل و التام بخطر جائحة كورونا.
ثم إن الإلتزام بالحجر الصحي و قيود حظر التجوال على خرقها فإن التونسي الراغب بالحياة بدء يشعر بالسأم و الملل القاتل روتين لا يحتمل فهو مسجون بلا قيود ، موسوس بلا مرض، ميت بلا حياة متطلع بلا أمل ، صابر بلا حدود..
أما الباحث عن لقمة العيش و هو الذي يعيش أغلبه اليوم بيومه فإن ضيق الحال يخنقه و يزيد من بئسه .
و جزء مهم وجدها فرصة التمتع بالعائلة التي فقدت وحدتها و أهميتها في مجتمع تونسي تغيّرت طبائعه و عاداته لأسباب يطول الخوض فيها...فكانت الحسنة الوحيدة لفيروس كورونا هو عودة الإجتماع العائلي ....
في عصر السرعة، اصبح نسق حياتنا سريع لدرجة كبيرة حتّى نسينا النسق العادي و المتوازن للحياة....هذاكا علاش أغلبية التوانسة ماشي فيبالهم باش يكونوا مختلفين تماما عن بقية العالم في هذه الأزمة يعني جمعتين راحة و ترجع الامور لنصابها لذلك ماهمش محضرين ارواحهم نفسانيا او لوجيستيا لتمديد الحضر إلّي هو ضرورة خاصة اننا مازلنا في بداية الأزمة و أتصور أنّه أقل شيء مازال قدامنا شهر افريل في الحجر... صحيح مشاغل كثيرة ستتعطل و لكن تلك هي إرادة الله و ما علينا إلاّ الصبر و الأخذ بالاحتياطات اللازمة...هذه الأزمة فرصة لينا نحن باش نستعيد أنفاسنا و نشوف أشنية الحوايج إلي حقها اولويات في حياتنا و لكن أهملناها لسبب ما....
التونسي يستعجل فكّ الحجر الصحي لأنه لم يتهيأ نفسانيا لذلك لان وعيه وقع دمغجته و الفتك به و تضليله منذ سنوات ...الآن وعي التونسي و أفكاره مبرمجة أساسا على العود إلى حياته الطبيعية ما قبل كورونا ....
سؤالنا هل ستعود حياة التونسي لطبيعتها ؟ أم ستتغير إرتباطا بتغير الوضع بالعالم عن ما كان عليه قبل فيروس كورونا؟؟؟
الأسئلة حارقة و لكن الصبر وحده إن مازال لنا نفس بالحياة كفيل بالإجابة عليها ....