الشعب التونسي و الكورونا ....بقلم الأستاذ وسام بوزيد

فعلتها كورونا و أسقطت عنا ورقة التوت ، نحن شعب أناني متلهف ، مستهتر و متهور كل فرد لا يهتم إلاّ لنفسه و تفتقت في هذه الأزمة الصحيّة الوبائية حب الذات و إعلاء الأنا على الجماعة ....فرض الحجر فرضا و بمراحل حتى يهضم تقبل الأمر و رغم ذلك ماطل الشعب في الإمتثال بداعي التزود بالحاجات الغذائية خاصة مع إستكراش محتكري المواد الغذائية الأساسية و فقدانها من السوق مع تعطل مسارات التوزيع لفقدان التخطيط و الحنكة بإدارة الأزمات من الحكومة و كل المسؤولين المختارين و زاد تلهف التونسي على توفير هته المواد في تعكر الأمر فأصبحت صفوف الفارينا و السميد مشكلة أمن و جيش و مسؤولين محليين....و لايستبعد أن تكون مصدر كارثة صحية لفرضية التحاكك و التلامس و التدافع بين مصطفين باحثين على مكون أساسي للخبز العمود الفقري للنمط الغذائي لدى التونسي .
هنا في ضل الرغبة بتوفير الغذاء يفقد التونسي الوعي بخطورة فيروس كورونا الذي عطّل العالم و عطّل كل المحرّكات الإقتصادية العالمية في ضلّ شلل تام و إنغلاق دول العالم على نفسها و إلتزامها بمحيطها الجغرافي  .

يطلّ علينا التونسي بإستهتار متناهي و بتكبيرات ليلية مندّدة بكورونا و بالحجر الصحي و هذا الظاهر أما الباطن فأعمق و هو يدخل في خانة الحسابات السياسية التجربيّة لفئة معنية و أيضا في قلّة وعي متناهية لفئة تقاد بالمال الفاسد أو بالإصطفاف الإيديولوجي ....فهذه التجمعات الليلية هي بيئة خصبة لتفريخ الفيروس مع وجود ناقل إيجابي لتكاثره .
وعي التونسي بآفة و جائحة فيروس كورونا إقتصر على الشكليات كالقفازات و الأقنعة الواقية و أهمل الأساسيات المنصوح بها و هي تفادي التجمعات و الإكتضاض و الإلتزام بالحجر الصحي الذاتي و الذي إنتهكه يمينا و شمالا و بمبرّرات متعدّدة .


درجة الوعي التونسي بالفيروس لم تكن متماثلة مع العمليات التحسيسية و التوعوية لأن أزمة الفيروس خنقت كل شيء و بدون سابق إنذار لأن الشعب التونسي يعيش أزمة إقتصادية و إجتماعية و تدهور المقدرة الشرائية من قبل وصول فيروس كورونا...
لذالك تداخل الوعي الصحي بخطر الفيروس مع الحاجة الملحة لتوفير الضروريات الغذائية و المعيشية فتغلبت الرغبة في توفير المستلزمات المعيشية على الوعي الكامل و التام بخطر جائحة كورونا.

ثم إن الإلتزام بالحجر الصحي و قيود حظر التجوال على خرقها فإن التونسي الراغب بالحياة بدء يشعر بالسأم و الملل القاتل روتين لا يحتمل فهو مسجون بلا قيود ، موسوس بلا مرض، ميت بلا حياة متطلع بلا أمل ، صابر بلا حدود..
أما الباحث عن لقمة العيش و هو الذي يعيش أغلبه اليوم بيومه فإن ضيق الحال يخنقه و يزيد من بئسه .
و جزء مهم وجدها فرصة التمتع بالعائلة  التي فقدت وحدتها و أهميتها في مجتمع تونسي تغيّرت طبائعه و عاداته لأسباب يطول الخوض فيها...فكانت الحسنة الوحيدة لفيروس كورونا هو عودة الإجتماع العائلي ....

في عصر السرعة، اصبح نسق حياتنا سريع لدرجة كبيرة حتّى نسينا النسق العادي و المتوازن للحياة....هذاكا علاش أغلبية التوانسة ماشي فيبالهم باش يكونوا مختلفين تماما عن بقية العالم في هذه الأزمة يعني جمعتين راحة و ترجع الامور لنصابها لذلك ماهمش محضرين ارواحهم نفسانيا او لوجيستيا لتمديد الحضر إلّي هو ضرورة خاصة اننا مازلنا في بداية الأزمة و أتصور أنّه أقل شيء مازال قدامنا شهر افريل في الحجر... صحيح مشاغل كثيرة ستتعطل و لكن تلك هي إرادة الله و ما علينا إلاّ الصبر و الأخذ بالاحتياطات اللازمة...هذه الأزمة فرصة لينا نحن باش نستعيد أنفاسنا و نشوف أشنية الحوايج إلي حقها اولويات في حياتنا و لكن أهملناها لسبب ما....

التونسي يستعجل فكّ الحجر الصحي لأنه لم يتهيأ نفسانيا لذلك لان وعيه وقع دمغجته و الفتك به و تضليله منذ سنوات ...الآن وعي التونسي و أفكاره مبرمجة أساسا على العود إلى حياته الطبيعية ما قبل كورونا ....
سؤالنا هل ستعود حياة التونسي لطبيعتها ؟ أم ستتغير إرتباطا بتغير الوضع بالعالم عن ما كان عليه قبل فيروس كورونا؟؟؟
الأسئلة حارقة و لكن الصبر وحده إن مازال لنا نفس بالحياة كفيل بالإجابة عليها ....

 

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي Ambiance FM وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً.

الإذاعة الجهوية الأولى بالمهدية Ambiance FM

إذاعة جمعياتية متخصصة منضوية تحت لواء جمعية قصور الساف للشباب والثقافة و الإعلام، مدعمة من وزارة الشؤون الثقافية في إطار البرنامج الوطني"تونس...مدن الفنون"

المدير العام المؤسس : محمد أمين عبد الواحد

العنوان: دار الثقافة قصور الساف، شارع الحبيب ثامر 5180 قصور الساف

الهاتف : 52911306
الفاكس :73665292